5/4/2020
في البداية كان علينا أن نتأمل ما يحصل ؛ أن نسرح الطرف فيما حولنا لندرك محدودية إدراكنا للعالم ؛ وأن نترك كل تصفية لأي حساب لميراث يوم آخر ..
أتساءل هل حقا انكسرنا ؟أم أن كورونا كانت مكسبا وأن ما يحصل الآن لن يظل سوى ذكريات من الفخار الشاحب؟
كورونا جعلتنا نقترب من بعضنا البعض مع أنها حتمت أن تظل بيننا مسافة أمان أيضا ...
لنعيش كان علينا أن نفكر معا ؛ قبل أن نكون معا ؛ لقد وحدت أفكارنا عن بعد ؛ وها نحن نتابع ما يجري في إيطاليا وندمع لموتاها قبل موتانا ؛ نطالع أخبار إسبانيا جميعنا ونتأسف لما يجري بعدما كان البعض منا يستمتع بمباريات البارصا والريال ؛ نتابع خريطة العالم وتوزيع كورونا الجغرافي نسأل عن أحبابنا في مصر والعراق ولبنان وسوريا وكل البقاع العربية ونأمل ألا يرتفع عدد الوفيات ...
أما عن قرب فقد بتنا نجتمع على طاولة واحدة ؛عدنا زبناء دائمين لمطبخنا بعدما كان لقاؤنا قد انحصر على طبق واحد نجتمع عليه لنهاية الأسبوع فقط...
الخبز على مائدتنا هو الآخر أصبح له طعما خاصا ؛بتنا نتفنن أيضا في وصفات مطبخية لنكسر الروتين؛ بأطباق تحضرها الأمهات بقلوبها....
خبزنا أصبحت تعجنه ربات البيوت فتعجن معه أحلامها وحبها ليتفرق ذاك الحب كنهر فياض على كل أفراد الاسرة..
الطفولة فينا أبت إلا أن تكبر وهي تحمل حنينها لخبز أمهاتها ؛ هذا الحنين الذي كان أهم ما تذكره محمود درويش في أعز محنته حين قال :
أحن إلى خبز أمي
وقهوة أمي ولمسة أمي
اكيد لن يقفل باب مدينتنا ؛كورونا دقت على أبوابها ؛ لأن أخلاق مدننا ظلت ولمدة طويلة بين الرقاد والكسل ومساءلة اليأس والحيرة ؛ والتبجح بالفراغ والعدم ...
آن لها أن تستيقظ من أحلام الليل لنهار مشرق
فضجيج دماغنا في طريقه للهدوء ؛لأننا أصبحنا نعرف الآن أن الأرض تسلخ جلدها لتنهض من جديد.....
ليست هناك تعليقات: