4/5/2020

كنت أصغي لأسئلتي الداخلية والضجر يلتصق بحروفي المبعثرة ؛ حين رن هاتفي الذي أصبح رنينه من طقوسي اليومية بجانب الأكل والنوم ....
على الهاتف كانت مينة من تكون ؟ لا يهم وإنما الأهم هو لم اتصلت بي ؟
كلماتها المتقطعة بالكاد كنت أسمعها بلهجتها البدوية  من منطقة جبلية بتاونات....
 كانت تتحدث بصوت تغالبه العبرات ؛ وكنت أصغي إليها بكامل حواسي ؛ وأتربص كلماتها بكل اهتمام رغم صعوبة التواصل...
 فهمت أنها تحكي عن زوجها ؛وتشكو أفعاله التي لم تعد تطيقها والتي أجد الحرج في أن أسردها هنا كما حكتها لي ...
 كنت أعلم أن كورونا مع فرض الحجر الصحي لا بد وأن تفجر أوضاع مجموعة من الأسر التي تعيش احتقانا ووضعا اجتماعيا متدهورا ومسكوتا عنه ؛لم يكن يأجله سوى تلك التفاصيل وأحيانا الأمور التافهة التي ينشغل بها معظمنا ليتجنب مواجهة الآخر ....
الآخر هو الجحيم كما عبر عنه سارتر ؛ فما بالك إن كنت مع جحيمك تحت سقف واحد ؛ وما بالك إن كان السقف منحدرا ومساحته ضيقة ....
كنت أعرف أن زوجها يتعاطى المخدرات  من مدة طويلة ؛ وقد نفذ الآن  زاده من الحشيش ؛ ومع عزل المدن أصبح يصعب عليه الحصول على حصته منه...
  فالدولة وفرت المواد الغذائية للسكان وألزمتهم البقاء في المنزل  وأغفلت أن داخل بعض الأسر  تجد أحدهم أو أكثر  يتعاطى المخدرات ؛ وأن الحجر الصحي سيجمعهم جميعا تحت سقف واحد ....
وهاهي مينة وبعدما كانت تصارع الحياة من أجل لقمة العيش لها ولطفليها ؛ وجب عليها أن تصارع أيضا صراخ زوجها وتذمره وإهاناته لها معنويا وجسديا 
فماذا عساي أن أقدمه لها ؟ وأنا تفصلني عنها مسافات وعزلة...
 حاولت بما أتوفر عليه من فائض من الكلمات ؛أن أستعين بمعجم المواساة والاستشهاد بأحاديث وأقوال حكماء ؛ لأرمم ما تبقى منها كامرأة ؛ لعلها تتماسك وتواصل التحمل ؛ مع أني  أتمزق بما أحس به من فشل في مد يد المساعدة لها بحق ...
 لكأنني الآن  كحال بعض الأطباء مع كورونا وهم  يصفون  دواء الكلوروكين الخاص بعلاج الملاريا لعلاج كورونا...
 فهل سينجح الدواء ويعالج كورونا على أنها  ملاريا؟ أم  أن كورونا  ستختلط عليها الأمور وتظن أنها هي نفسها ملاريا ؟
وهل ستنجح كلماتي لتجعل مينة تصبر حتى ينتهي الحجر؟  أم أن زوجها سيشفى من إدمانه لوحده رغما عنه ؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.